الثلاثاء، 10 أبريل 2012

عقبه بن نافع (4) تأسيس مدينة القيروان :

عقبه بن نافع (4)
تأسيس مدينة القيروان :

لم يكن عقبة بن نافع قائدًا عسكريًّا محضًا فقط، بل كان صاحب عقلية مبدعة وفكر استراتيجي فذ وهو يصح أن يطلق عليه خبير بشئون المغرب والشمال الإفريقي، ومن خلال حملاته الجهادية المستمرة على الشمال الإفريقي، أدرك أهمية بناء مدينة إسلامية فيهذه البقاع وذلك لعدة أسباب من أهمها:

1-تثبيت أقدام المسلمين والدعوة الإسلامية هناك وذلك أن عقبة قد لاحظ أمرًا هامًّاأن أهل الشمال الإفريقي إذا جاءهم المسلمون يظهرون الإسلام وإذا انصرفوا عنهم رجعوا مرة أخرى إلى الكفر، فكان بناء مدينة إسلامية خير علاج لهذه الظاهرة الناجمة عن غياب قاعدة إسلامية ثابتة للإسلام لنشر الهدى والنور وسط ظلمات البربر.

2-ضرورة تكوين قاعدة حربية ثابتة في مواجهة التهديدات الرومية المتوقعة بعد فتح الشمال الإفريقي.

3-أن تكون هذه المدينة دار عزة ومنعة للمسلمين الفاتحين، ذلك لأنهم تفرقوا في البلادكحاميات على المدن المفتوحة، وهذا التفرق قد يورث الضعف والوهن مع مرور الوقت خاصةلو دهم عدو كبير العدد هذه البلاد.

لهذه الأسباب وغيرها قرر عقبة بن نافع بناء مدينة القيروان في القرن الشمالي لإفريقيةفي مكان تتوافر فيه شروط الأمن الدعوي والحركي للمسلمين بحيث تكون دار عزة ومنعةوقاعدة حربية أمامية في القتال، ومنارة دعوية علمية لنشر الإسلام، وانطبقت كل الشروط المطلوب توافرها في منطقة أحراش مليئة بالوحوش والحيات، فقال له رجاله:"إنك أمرتنا بالبناء في شعاب وغياض لا ترام، ونحن نخاف من السباع والحيّات وغير ذلك من دواب الأرض"، وكان في عسكره خمسة عشر رجلاً من أصحاب رسول الله فجمعهم وقال: "إني داعٍ فأمّنوا"، وبالفعل دعا الله طويلاً والصحابة والناس يأمّنون، ثم قال عقبة مخاطبًا سكان الوادي: "أيتهاالحيّات والسباع، نحن أصحاب رسول الله r، فارتحلوا عنا فإنا نازلون، ومن وجدناه بعد ذلك قتلناه".

فحدثت بعدها كرامة هائلة حيث خرجت السباع من الأحراش تحمل أشبالها والذئب يحمل جروه،والحيّات تحمل أولادها، في مشهد لا يرى مثله في التاريخ، فنادى عقبة في الناس:"كفوا عنهم حتى يرتحلوا عنا", وهكذا يصل الإيمان والثقة بالله لهذا المستوى الفائق من اليقين بنصرة الله U وتأييده ومدده، فهذا هو البطل المجاهد يصل به الإيمان والكرامةلئن يتكلم مع الحيوانات البهائم التي لا تعقل ولا تفهم، فيطيعونه ويسمعون أوامره،وهكذا يصبح الكون كله ومن فيه مسخرًا لخدمة المجاهدين وغايتهم السامية.

استمربناء مدينة القيروان قرابة الخمس سنوات، حتى أصبحت القيروان درّة المغرب، وشيّدعقبة بها جامعًا كبيرًا أصبح منارة العلم وقبلة طلاب العلم والشريعة من كل مكان،وملتقى للدعاة والعلماء والمجاهدين، وأصبح جامع القيروان أول جامعة إسلامية على مستوى العالم, وذلك قبل الأزهر بعدة قرون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق